في عشية عيد القديس نقولا تذكرنا الأستاذة المساعدة فيخرا بايفا من معهد الإثنولوجيا والفولكلور بمتحف إثنوغرافي لدى أكاديمية العلوم البلغارية بحكايات وأساطير وأغان ومقولات وأمثال تأتينا من قديم الزمان من أجل تحديد رمزية السمكة في فلكلور البلغار.
في العديد من الأساطير القديمة كان ينظر إلى السمكة على أنها ترمز للبدء الأنثوي أي للخصوبة والإنجاب وتمثل قوة المياه وقدرتها على خلق الحياة والحفاظ عليها. وتتعلق السمكة بالإلهة الأم وآلهة القمر فلا يأتي من فراغ كونها خاصة بإلهة الحب أفروديتا في الأساطير الإغريقية. فيما بعد اتخذت المسيحية السمكة رمزا ليسوع المسيح وأوائل المسيحيين الذين كان يطلق عليهم تسمية "صيادي النفوس" من باب المجاز. كما أن السمك يحظى بمكانة مهمة في تقاليد البلغار بصفته نوعا من أنواع الحيوان وطعام خاص وكذلك باعتباره صورة رمزية احتفظت بالعديد من معانيها الأسطورية العريقة.
وعلما بعدم توافر الظروف المناسبة لحفظ السمك في الماضي فقد كان الاعتقاد السائد بأنه طعام خطير يسهل فساده. ومن ثم أتت المقولة الشهيرة: "إما أن تأكلني حتى ابيضاض عيني وإما أن تبيض عيناك أنت" والمقصود هو شي السمك حتى الاستواء وإلا فقد يتضرر المرء. وحسب المعتقد الشعبي لا يجوز أكل السمك إلا في الأشهر التي تحتوي أسماؤها البلغارية على حرف الراء أي فترة ما بين شهري أيلول ونيسان وهو الجزء البارد من السنة إذ يفسد السمك في الأشهر الحارة. مما تأتي المقولة التي ما زلنا نستعملها حتى يومنا هذا بأن السمكة تتعفن من الرأس والتي تدل على أن الفساد والخلل في المجتمع تبتدئ ممن يقف على رأس هذا المجتمع. وهذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر السمك طعاما حلالا فهي الطعام الحيواني الأصل الوحيد الذي يجوز تناوله في بعض الأعياد الكبيرة إبان فترة الصوم.
وتتعلق بصيد الأسماك مقولة تنص على أن السروال المبلل يأكل السمك والسروال الجاف يأكل الفلفل بمعنى أن المرء لن يحصل على ما يطلبه ما لم يبذل الجهود الضرورية. أما من لا يتحلى بالصبر فيضرب عليه التقليد البلغاري مثل "قد حضر المقلاة والسمك ما زال في البحر". كما أن تشبيه "صامت كالسمكة" للشخص الصامت واستعارة "سمكة" للساذج منتشران جدا في الكلام البلغاري.
أما المستوى الرمزي فيمثل السمكة متعلقة بالماء وأعماق البحار والعالم التحتي حيث تقوم الأرض على سمكتين أو ثلاث أو على حيتان أو على قرني ثور وضع أظلافه على سمكة. وإن العلاقة بين السمكة والعالم التحتي تدل على علاقة قائمة بين السمكة والخصوبة فهناك اعتقاد يقول بأن بلع سمكة أو أجزاء منها يساعد على الإنجاب.
ويجدر الذكر بوجود طريقة أخرى تربط بين صورة السمكة والعقم حيث تروي بعض الأغاني قصة عروس لعنتها أمها بإنجاب الولد إذا سمعت سمكة تغني في البحر الأسود. فحين عرف زوجها بذلك عزم على التزوج ثانية فأمر أخاه بالذهاب بها إلى شاطئ البحر وإغراقها. وحينها ترحم الله عليها فجعل السمكة تغني حقيقة ثم رجعت العروس إلى زوجها وأنجبت ولدا عجيبا على صدره بدر وعلى وجهه شمس.
كما تظهر السمكة في المباركات المتعلقة بعيد الميلاد رمزا للنعمة والسعادة حيث تشبه الآنسة بسمكة رشيقة أو طاووس يمشي في باحات الوجهاء وكثر ما يطلق على العرس اسم الصيد إشارة إلى تشبيه العروس أو الفتاة الحسناء بالسمكة.
وترى المعتقدات الشعبية أن السمكة من شأنها تحقيق الأحلام ولا يتبين ذلك من حكاية السمكة الذهبية المشهورة فحسب وإنما يتجلى أيضا في مظاهر أخرى. فعلى سبيل المثال توجد في مدينة أسينوفغراد كنيسة تسمى "القديسة مريم العذراء السمكية" وفيها بركة صغيرة يسكنها سمك فيعتقد الناس بأن من رأى السمك فيها سمع الله أدعيته.
ومما لا شك فيه كون سمك الشبوط أشيع أنواع السمك في الفلكلور البلغاري والسلافي على وجه العموم. حيث كان الاعتقاد الشائع في القدم أن الشبوط الذي لم تبصره عين البشر طيلة أربعين عاما يستحيل تنينا ولذا تصور بعض الأيقونات أسماكا أسفل الصليب بدلا من تنانين.
كما أن التصورات الشعبية تنظر إلى الشبوط على أنه خادم القديس نقولا ومن ثم يأتي قربانا للقديس في مأدبة عيده الموافق السادس من كانون الأول ويعتقد بأن هذا السمك مقدس لوجود عظمة صغيرة في جبينه على شكل صليب. فتحفظ هذه العظمة وتخيط بقبعات الحديثي الولادة تعويذة. مثلما هو الحال بالنسبة إلى فلوس سمك العيد التي تعتبر مقدسة فلا يجوز إلقاؤها في أماكن وسخة أو دوسها وإذا حملت في المحفظة فستدر على الصاحب مالا وافرا.
إن الأعياد الشعبية بربارة وسابا وعيد نيقولاوس متعلقة بنفس التواريخ التي تحتفل فيها الكنيسة الأرثوذكسية بذكرى القديسة بربارة (4 كانون الأول) والقديس سابا (5 كانون الأول) والقديس نيقولاوس (6 كانون الأول). وسنتحدث في هذه الحلقة من أستوديو الفلكلور عن..
الرسول أندراوس أول داع في منتصف القرن الأول، لكلمة المسيح في أراضي منطقة البحر الاسود، واصبحت بعض هذه الأراضي فيما بعد جزءا من الدولة البلغارية. تحتفل الكنيسة الأرثوذوكسية بيوم هذا القديس في 30 نوفمبر، حيث ارتبط هذا اليوم في بلغاريا بطقوس شعبية ثابتة..
كما هو معروف إن الصوف المسيحي أيام معدودة، حيث يدوم الصوم قبل عيد الفصح سبعة أسابيع ويتم تحديده وفق وقوع قيامة المسيح، أما صوما بيتروفدين وذلك بمناسبة أم الرب فيشملان أسبوعين ويصوم المؤمنون كل أربعاء والجمعة. ويبدأ صوم عيد ميلاد المسيح في 15 نوفمبر،..